المشكلة التي لم تُحَل بعد بشأن مستقبل إسرائيل

باسكوالي بريزيوسا

إن الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية يمثل تحديًا تاريخيًا لا يزال دون حل. في الماضي، كان حل الدولتين ــ واحدة للشعب اليهودي وأخرى للشعب الفلسطيني ــ يُعتبر السبيل الوحيد المستدام لضمان الاعتراف المتبادل بين حركتين وطنيتين متميزتين تطالبان بنفس الأرض. لكن هذا المنظور يبدو اليوم بعيداً بشكل متزايد عن الواقع.

إن الحرب المستمرة في غزة، والتي اندلعت بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 7 والهجوم العسكري الإسرائيلي الذي تلاه، شكلت نقطة تحول عميقة. وفي إسرائيل، رفضت شخصيات بارزة في الحكومة الحالية رسميا فرضية الدولتين، في حين تتكاثر التصريحات التي تستبعد إمكانية قيام دولة فلسطينية، وفي بعض الحالات تشير إلى النقل القسري للسكان الفلسطينيين، وخاصة من قطاع غزة.

وفي الوقت نفسه، أصبح السياق السياسي والإقليمي أكثر تعقيدا. إن عدم الاستقرار المزمن الذي يسود المسرح الشرق أوسطي يتشابك مع القيادة الفلسطينية المجزأة والنظام السياسي الإسرائيلي المتأثر بقوة بالقوى القومية المتطرفة والقوى الدينية.

وتشكل إيران عاملاً آخر مزعزعاً للاستقرار وله أهمية أساسية. وأعلنت الجمهورية الإسلامية مراراً وتكراراً عن نيتها محو إسرائيل عن الخريطة، وهو الخطاب الذي تشاركها فيه حماس، التي تتلقى الدعم السياسي والمالي والعسكري من طهران. ومن خلال شبكة من الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حزب الله في لبنان، والجهاد الإسلامي في فلسطين، والحوثيين في اليمن، تمارس إيران ضغوطا مستمرة وغير متكافئة على إسرائيل وحلفائها. وعلى وجه الخصوص، فتح نشاط الحوثيين جبهة جديدة من عدم الاستقرار في البحر الأحمر، مستهدفين السفن التجارية والأهداف الاستراتيجية بالتنسيق مع المحور المناهض للغرب.

وتتفاقم هذه الاستراتيجية بسبب طموح إيران إلى الحصول على قدرات نووية عسكرية. وعلى الرغم من التصريحات الرسمية حول الطبيعة المدنية للبرنامج، فإن استمرار تخصيب اليورانيوم والقيود المفروضة على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تغذي الشكوك حول وجود هدف عسكري. وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقوة أن إسرائيل لن تسمح لإيران أبداً بالحصول على أسلحة نووية، مؤكداً بذلك خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه في العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية.

وفي موازاة ذلك، أعلن نتنياهو عن نيته القضاء على حماس بشكل كامل ككيان عسكري وسياسي. وألحقت العملية في غزة أضرارا كبيرة بالبنية التحتية العملياتية للحركة، مما أدى إلى تقليص قدراتها اللوجستية والقتالية. ولكنها فشلت في القضاء على الإيديولوجية الجهادية أو تفكيك شبكة حماس السرية والاجتماعية، والتي لا تزال متجذرة بعمق بين قطاعات كبيرة من السكان الفلسطينيين. إن القضاء العسكري الجزئي لا يعني القضاء على الإرهاب: فحماس لا تزال موجودة كفكرة وكهيكل سياسي، على الرغم من الضربات التي تلقتها على المستوى العملياتي.

ومن أجل احتواء التهديد الإقليمي الشامل، تجري حالياً محادثات سرية بين ممثلي الولايات المتحدة وإيران، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي وخفض التوترات. وستكون نتائج هذه المحادثات حاسمة بالنسبة لمستقبل التوازن في الشرق الأوسط.

في هذا المشهد شديد الاستقطاب، حتى الانحدار السياسي المحتمل لنتنياهو ــ الذي قد يضعف بسبب الإجراءات القانونية والنزاعات الداخلية ــ لن يغير من التصور السائد في إسرائيل: فالسلام مع الفلسطينيين يُعتبر، في أحسن الأحوال، وهماً بعيداً. وفي الواقع، قد يؤدي التغيير في القيادة إلى تسريع عملية الضم الجزئي للضفة الغربية، وخاصة المناطق التي يستوطنها المستوطنون بالفعل. ومن شأن هذه العملية أن تخلق سابقة قانونية وسياسية من شأنها أن تجعل تقسيم الأراضي في المستقبل أكثر صعوبة. ومن ثم فإن الانجراف نحو دولة ثنائية القومية واحدة غير مستقرة ومليئة بالصراعات قد يبدو أقل قابلية للتراجع.

إن الدولة الثنائية القومية لن تمثل حلاً قابلاً للتطبيق: إن التعايش القسري بين شعبين، في إطار لا يتمتع بالحقوق المتساوية ولا بالاعتراف المتبادل، من شأنه أن يؤجج حالة من الصراع المزمن. ولن يتنازل الإسرائيليون عن البعد الوطني اليهودي لدولتهم، ولن يقبل الفلسطينيون بالعيش دون سيادة. ولكن في واقع الأمر، لم يدخل الشرق الأوسط بعد مرحلة ما بعد القومية: إذ تظل الهويات العرقية والدينية تشكل الأساس للمطالبات السياسية.

وفي هذا السيناريو، فإن التطور الإيجابي الوحيد الذي يمكن تسجيله هو ظهور محور استراتيجي جديد من خلال اتفاقيات إبراهيم، الموقعة منذ عام 2020 بين إسرائيل وعدد من الدول العربية السنية (الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان)، بدعم مباشر من الولايات المتحدة. وإذا تم تمديد هذا الاتفاق ليشمل لاعبين رئيسيين مثل المملكة العربية السعودية، فإنه قد يمثل نقطة تحول تاريخية، ويعزز التحالف بين إسرائيل والملكيات السنية في الخليج لاحتواء إيران. إن مثل هذا الانتشار، بدعم من التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي، من شأنه أن يحدد شكلاً من أشكال التفوق الاستراتيجي، والذي قد يتعزز من خلال توازن الردع غير المتكافئ في ما يتصل بالجبهة الشيعية التي تقودها طهران.

ولكن هذه إعادة التنظيم الإقليمي لا تحل التوترات العميقة التي تسود منطقة الشرق الأوسط، وخاصة التنافس التاريخي بين السنة والشيعة، والذي يهدد بالتفاقم. إن إيران، التي تستشعر التهديد المتزايد، قد تعمل على تسريع برامجها العسكرية وزيادة استخدامها للوكلاء، مما يؤدي إلى تأجيج سباق تسلح جديد. إن التفوق الإسرائيلي السُنّي في حد ذاته، إذا لم يوضع ضمن إطار أمني متعدد الأطراف، قد يصبح عنصراً من عناصر عدم الاستقرار أكثر منه عامل ردع.

وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن الافتقار إلى استراتيجية شاملة لحل القضية الفلسطينية يشكل نقطة حرجة. إن سياسة متعددة المستويات ــ تجمع بين المبادرات الملموسة من القاعدة ورؤية سياسية من القمة ــ من شأنها أن تفتح بعض المجال للمناورة، ولكن في الوقت الراهن هناك نقص في الإرادة السياسية والظروف على الأرض.

في حين أن الفلسطينيين مدعوون أيضاً إلى إصلاح مؤسساتهم وإعادة بناء قيادة ذات مصداقية، فإن الصهيونية، التي تأسست على تقرير المصير، تعني ضمناً أن إسرائيل لا تستطيع تفويض مصيرها إلى غيرها. إن التقاعس ليس محايدًا: فهو يعزز الانجراف نحو كيان ثنائي القومية خالٍ من التماسك، وغير قادر على ضمان الاستقرار والسلام.

يقدم التاريخ أمثلة على القرارات الصعبة التي تم اتخاذها في أوقات عدم اليقين الكبير. إن المناقشات الداخلية التي جرت داخل الحكومة الإسرائيلية بعد حرب عام 1967 تشكل مثالاً بارزاً على مدى قدرة القيادة السياسية على التعامل مع الخيارات طويلة الأمد. إن التذكير بهذه السوابق لا يعني اقتراح حلول تبسيطية، بل يعني أن نتذكر أنه حتى في السياقات الأكثر صعوبة، فإن المسؤولية السياسية قادرة ــ ويجب عليها ــ على توجيه المستقبل بالرؤية والشجاعة.

باسكوالي بريزيوسارئيس الأركان السابق أ.م.، وهو اليوم خبير في اللجنة العلمية لـEurispes وأستاذ جامعي في الجغرافيا الاستراتيجية.

اشترك في نشرتنا الإخبارية!

المشكلة التي لم تُحَل بعد بشأن مستقبل إسرائيل